موديز تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة - وهذا ما يعنيه ذلك للاقتصاد والمستثمرين والدولار

في خطوة فاجأت الأسواق أواخر يوم الجمعة، خفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، وهو ثاني أعلى تصنيف ممكن. ويمثل هذا القرار المرة الأولى في التاريخ التي تخفض فيها وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث - موديز، وفيتش، وستاندرد آند بورز - تصنيف الدين الأمريكي من وضعه السليم.
السبب الرئيسي؟ تزايد الديون وارتفاع مدفوعات الفائدة. وأشارت موديز إلى "ارتفاع مستمر في عبء ديون الحكومة الفيدرالية" وغياب أي تحرك سياسي جاد لكبح جماح العجز.
📉 ماذا يعني التخفيض فعليًا
لعقود من الزمن، كانت سندات الخزانة الأمريكية تعتبر الأصول الخالية من المخاطرمدعومةً بهيمنة البلاد الاقتصادية واستقرار حكمها. لهذا السبب، كان تصنيف AAA مهمًا، إذ عكس الثقة في قدرة الحكومة الأمريكية على سداد ديونها.
إن تخفيض تصنيف موديز هو أمر رمزي إلى حد كبير، ولكنه قد تحمل عواقب حقيقية متأخر، بعد فوات الوقت:
- قد ترتفع تكاليف الاقتراض:قد يطلب المستثمرون الآن عائدات أعلى قليلاً على الديون الأميركية للتعويض عن المخاطر المتزايدة.
- قد تتآكل الثقة في الأصول الأميركية:قد تواجه الأسهم والسندات، وحتى الدولار، ضغوطاً مع ضعف تصور الجدارة الائتمانية للولايات المتحدة.
- وقد تتبع ذلك ردود أفعال السوق العالمية:قد يؤدي خفض التصنيف الائتماني إلى تسريع التحول بعيدًا عن سندات الخزانة الأميركية، وخاصة بين المشترين الأجانب.
بعد الإعلان بفترة وجيزة، ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 10%، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 4.48 المتداول في البورصة بنسبة 500% في تداولات ما بعد الإغلاق. كما انخفض مؤشر السندات طويلة الأجل (TLT) بنسبة 0.4%، مما يُشير إلى أن المستثمرين قد يستعدون لمزيد من التقلبات في المستقبل.
💸 لماذا حدث تخفيض الإصدار الآن
وأوضحت موديز أن خفض التصنيف يعكس أكثر من عقد من الضغوط المالية المتزايدةوعلى الرغم من انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية خلال معظم تلك الفترة، فشلت الإدارات الرئاسية والكونغرس المتعاقبة في سن إصلاحات مالية مستدامة.
الوضع يتدهور:
- إن العجز في السنة المالية 2025 (التي بدأت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول) تجاوز بالفعل 1 تريليون دولار، بزيادة قدرها 1.05% عن العام الماضي.
- تتزايد مدفوعات الفائدة بسرعة، مدفوعة بارتفاع الأسعار وزيادة إجمالي الديون.
- إذا تم تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 كما تفترض موديز، فإنها قد تضيف 4 تريليونات دولار أخرى إلى العجز على مدى العقد المقبل.
- ومن المتوقع أن يصل الدين الفيدرالي إلى 2035% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 134، ارتفاعا من 98% في عام 2024.
وبعبارات بسيطة: تنفق الحكومة الأميركية أكثر مما تكسب، وتكاليف خدمة ديونها ترتفع بسرعة أكبر من قدرتها على إدارتها.
🏛️ الشلل السياسي يزيد الطين بلة
وضعت موديز جزءًا من اللوم على الخلل السياسي في واشنطن، مما يسلط الضوء على فشل المشرعين في تمرير إصلاحات الميزانية طويلة الأجل.
وقال محللون في موديز إن "الإدارات الأميركية المتعاقبة والكونغرس فشلت في الاتفاق على التدابير اللازمة لعكس اتجاه العجز المالي السنوي الكبير".
جاء هذا التخفيض في نفس اليوم لجنة الميزانية في مجلس النواب رفضوا حزمة جديدة من التخفيضات الضريبية التي دعمها الرئيس السابق دونالد ترامب. ورغم أن الحزمة كانت ستوفر تخفيفًا مؤقتًا لدافعي الضرائب، إلا أنها كانت ستزيد من تضخم العجز، وهو أمر لم تعد وكالات التصنيف مستعدة للتغاضي عنه.
🌍 المستثمرون العالميون يراقبون عن كثب
باعتبارها واحدة من وكالات التصنيف الائتماني الأكثر ثقة في العالم، فإن خفض تصنيف موديز قد يهز الثقة العالمية في الديون الأميركية، وخاصة بين المستثمرين الأجانب، الذين يبدو أنهم يتراجعون بالفعل.
قال بيتر بوكفار، رئيس قسم الاستثمار في مجموعة بليكلي المالية: "هناك انخفاض في الطلب على سندات الخزانة عالميًا. كما أن حجم الديون المتراكمة التي تحتاج إلى إعادة تمويل سيستمر في التزايد".
في الأشهر الأخيرة، ساهمت الرسوم الجمركية على الواردات والمخاوف الجيوسياسية الأوسع نطاقًا في إضعاف الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد سندات الخزانة. ويضيف هذا التخفيض مستوىً جديدًا من عدم اليقين.
ردود أفعال السوق وما يمكن توقعه الأسبوع المقبل
ووصف فريد هيكي، الخبير المخضرم في وول ستريت، تخفيض التصنيف الائتماني بأنه "قنبلة يوم الجمعة بعد الظهر"، محذرا من أنه قد يؤدي إلى:
- انخفاض أسعار السندات
- ضعف الدولار الأمريكي
- ارتفاع محتمل في أسعار الذهب والأصول الملموسة الأخرى
ورغم أن رد فعل السوق الفوري كان خافتاً، فإن الأسبوع المقبل قد يشهد تحركات أكثر حدة مع استيعاب المستثمرين للأخبار وإعادة موازنة محافظهم الاستثمارية وفقاً لذلك.
⚠️ ماذا يعني هذا بالنسبة لك
بالنسبة للأميركيين العاديين، فإن خفض التصنيف الائتماني لن يؤدي على الفور إلى رفع أسعار الفائدة على الرهن العقاري أو تقليص حسابات التقاعد، ولكنه يشير إلى تحديات اقتصادية أعمق في المستقبل.
وإليك كيف يمكن أن يؤثر عليك في النهاية:
- ارتفاع تكاليف الاقتراض لأن الحكومة قد تتسرب إلى الأسفل القروض الاستهلاكية، بما في ذلك الرهن العقاري وبطاقات الائتمان.
- التقلبات في الأسهم وقد ترتفع الأسعار، خاصة إذا انسحب المستثمرون الأجانب من الأسواق الأميركية.
- الذهب والأصول الآمنة قد تصبح أكثر جاذبية في المحافظ.
الأفكار النهائية: طلقة تحذيرية، وليست أزمة
لا يعني خفض تصنيف موديز أن الولايات المتحدة على وشك التخلف عن السداد. في الواقع، لا تزال البلاد تتمتع بتوقعات مستقرة وثاني أعلى تصنيف ائتماني ممكن. لكن القرار يُمثل تحذيرًا واضحًا: فبدون إصلاحات حقيقية، قد يُصبح عبء الدين الأمريكي عبئًا ثقيلًا على مستقبلها الاقتصادي.
إن هذه اللحظة بمثابة تذكير لصناع السياسات والمستثمرين والمواطنين على حد سواء: لا يمكنك الاقتراض إلى ما لا نهاية دون عواقب.
ردود